كتاب شفاه صامتة

«سترونج إندبندنت وومان».. من هذا المصطلح شديد الحداثة بين نساء المجتمعات العربية، تنطلق أحداث المجموعة القصصية «شفاه صامتة»، للكاتب طارق رفعت، الذي يقدم في كتابه قصصًا لنماذج نسائية مختلفة، لا ترتبط بزمن أو بمستوى اجتماعي معين، بل تذوب كل الفوارق حينما يتعلق الأمر بنفسية الأنثى، وجراحها، ومشاعرها

تلمس أحداث الكتاب أوجاع الكثير من الأنماط النسوية المختلفة في المجتمع، من يواجهن تحديات كبرى يوميًا في الشارع المصري، من تحكمات الرجل، ونظرة المجتمع، وتدخل في حياتهن الشخصية، وتحرش، وقهر، وغيرها من الحروب الشرسة التي تخوضها المرأة بشكل يومي، بمجرد احتكاكها بالشارع

«النار هي كل ما يدفعها للحياة.. فضعفها هو السر الذي يدفعها للأمام.. وآلامها سر ابتسامتها، وهي ما تمنعها من الاستسلام».. يعكس لنا طارق رفعت كيف استغلت المرأة ما تواجهه من صعوبات وتحديات لتصبح أقوى مما كانت عليه، فبدلًا من التراجع والهروب من مواجهة المجتمع، باتت تصطدم به غير مكترثة بأحكام الآخرين عليها، وما قد يتفوهون به لمجرد أن يصيرون أوصياء عليها دون وجه حق

لم يقصد طارق بالمجتمع الرجال فقط، بل أيضًا تخوض النساء حروبًا مع بعضها البعض، أو كما أطلق عليها الكاتب «حروب نون النسوة»، إذ تكون حروب أبناء الجنس الواحد أكثر ذكاءً من تلك التي تخوضها ضد الجنس الآخر، حرب من نوع خاص تتسم بالقسوة وطول المدى، بل يصبح الرجل في خلالها مجرد دمى في لعبة تحركها الأنثى على هواها

24 قصة مختلفة يقدمها طارق رفعت في كتابه، الأنثى هي بطلة كل منها، منهزمة في أوقات ومنتصرة في أوقات أخرى، إلا أنها تكتشف نفسها في نهاية كل قصة، بل ونكتشف معها كيف كانت هي العنصر الذي يتمحور حوله مجتمع أنهكته الصراعات الشخصية، ولم يجد سوى المرأة ليصب غضبه عليها، لكنها لم تستسلم